طريقة بسيطة لتبدأ بتعليم طفلك من البيت


طريقة بسيطة لتبدأ بتعليم طفلك من البيت
التعليم يبدأ من البيت، والطفل لديه فرصة كافية لتعلم الحياة في سنوات عمره الأولى، على الرغم من أن بعض الناس لايولون ذلك اهتماماً كافياً إلا أنه يجب علينا المساهمة في توعية المجتمع لتشجيع الآباء والأمهات على استغلال كل الفرص المتاحة لتعليم أطفالهم، بعض الأطفال يدخلون المدرسة ولايعرفون أسماء الألوان، وبعضهم يدخل المدرسة وهو يعرف الأحرف الهجائية والأرقام ويحفظ بعض سور القرآن، هنا يأتي دور الوالدين معاً وليس الأم وحدها، فترك مسئولية تعليم الطفل على الأم بمفردها يعتبر تخلٍ عن المسئولية وحرمان للطفل من اكتساب العلم على يد أبيه، أذكر في أحد المرات أنني ذهبت برفقة زوجتي وطفلتي يارا حينما كان عمرها سنة ونصف لزيارة المكتبة العامة والجامعية التي كانت بمقابل السكن الذي أسكن به اثناء دراستي في مدينة سان هوزيه بكاليفورنيا.

كانت تلك مكتبة مارتن لوثركنق وكان بها قسم مخصص للأطفال داخل المكتبة حيث أن المكتبة مكونة من ثمانية طوابق وقسم الأطفال في الطابق السفلي، يحتوي ذلك القسم العديد من الألعاب العادية والألعاب التعليمية، ويدهشك منظر تلك المقاعد الصغيرة المخصصة للأطفال والأرضية الناعمة وبعض اجزاء منها مفروش بالفرو الناعم، لأول وهلة كنت أتصور أن هذه المكتبة مخصصة فقط لمن هم بعمر المدرسة أو دونهم قليلاً ولكن تفاجأت حينما عرضت علينا المسئولة عن هذا القسم تسجيل بنتي يارا في برنامجهم الشبه يومي للأطفال، وطلبوا منا احضار الطفلة وبقاء أحد والديها معها، وعندما حضرت زوجتي لذلك البرنامج المخصص للأطفال تفاجأت بوجود أم تحمل معها طفلها ذو الأحدى عشر يوماً وجاءت به ليتعود على وضع وبيئة المكتبة، لازلت متعجباً من ما روت لي زوجتي حين ذهبت لذلك البرنامج وكان هناك حوالي خمسة أطفال دون عمر السنتين، تقوم المسئولة بالمكتبة بقراءة قصة قصيرة وعرض بعض الصور على الأطفال للحيوانات والطيور وتعليمهم استخدام حواسهم بلمس تلك الحيوانات المصنوعة من القطن والاسفنج، كان شيئا مذهلاً إلى حدٍ ما، وذلك لأنهم يمارسون هذا الأمر مع اطفال حديثي الولادة، أنه تعويد الطفل على حب الكتب والمكتبة والتعلم والاستكشاف، ربما لأني في مدينة وادي السيليكون يحدث هذا، لكن دعونا من هذه المثالية التي لا أظن أن نجدها في وطننا العربي، يبقى هناك طرق يمكن القيام بها لتعزيز حب التعلم والاستكشاف لدى الطفل منذ الولادة وحتى دخول المدرسة دون الحاجة لزيارة مكتبة عامة مثالية كالتي كنت جاراً لها لبضعة أشهر.

فكرة الأونو
سأطرح عليكم اليوم طريقة أراها مفيدة جداً للطفل وستكسبه بعض الفوائد على المدى القصير والطويل وسأشرح الفوائد بعد شرح الفكرة التي هي بسيطة وغير مكلفة، أظنكم سمعتم بلعبة قديمة جداً تدعى الأونو UNO هي لعبة قديمة عبارة عن بطاقات ورقية لها وجهين، الوجه الأول فيه شعار الأونو والوجه الثاني مطبوع عليه قيمة معينة حيث تختلف هذه القيم على حسب البطاقة، فالبطاقات لها أربعة ألوان الأصفر والأخضر والأحمر والأزرق، وعلى كل بطاقة قيمة إما عددية أو أحد خيارات اللعبة الأخرى، القيم العددية تبدأ من الصفر وحتى رقم تسعة وهنا مربط الفرس، استخدام البطاقات الملونة ذات الأرقام مفيد للطفل، لا أنسى أن اخبرك أن الأرقام مطبوعة بالطريقة العربية الغربية وليست بالطريقة العربية الشرقية، والطفل يجب عليه أن يتعلم كلا الطريقتين ولايهم بأيهما يبدأ، المهم أن يستفيد من وجود هذه الأرقام والألوان ولكن السؤال كيف يمكن أن يتعلم الطفل الأرقام والألوان باستخدام هذه البطاقات.
بكل بساطة، هذا الأمر يعتمد على طفلك، فإن كان طفلك لديه خبرة مسبقة بالألوان والأرقام فلن تجد مجهوداً كبيراً في تعليم باستخدام هذه البطاقات ولكن دعونا نفترض أن لدينا طفلاً لايعرف الألوان ولا الأرقام بتاتاً فكيف يمكننا تعليمه؟
ببساطة أيضا، استخدم هذا المقترح وهو أن تأخذ بطاقتين فقط من البطاقات وتقوم بأخفاء البطاقات الأخرى عن طفلك، البطاقتين يجب أن يحملا لونين مختلفين ورقمين مختلفين، اقترح أن تبدا برقم واحد وإثنان، لنفترض أنك اخترت البطاقة الزرقاء ذات الرقم واحد والبطاقة الحمراء ذات الرقم إثنان، قم بتقديم البطاقة الأولى لطفلك وتحدث إلى طفلك شارح له هذه البطاقة فمثلا يمكنك قول : هذا رقم واحد، لونه لون أزرق، ياسلام إنه لون جميل مثل لون السماء ولون سيارة فلان ومثل لون كذا وكذا، بعد دقائق قدم له البطاقة الحمراء ذات الرقم إثنان وقدمها له بنفس الطريقة قائلاً : هذا الرقم إثنان “وأظهر له اصبعين من يدك” هذا الرقم إثنان، لونه لون أحمر مثل لون الفراولة والطماطم.
اترك البطاقتين مع طفلك وأعطه الحرية في أن يفعل بها مايشاء لاتقلق في أن يقوم بتقطيع البطاقة فذلك طبيعي والطفل يفعل ذلك ليتعلم، لاتعنفه على تقطيع البطاقة ولكن أخبره عن ماحدث بنبرة حزينة قائلاً : لماذا قطعت الرقم إثنان، ياحرام، الرقم إثنان الآن يبكي، مسكين اللون الأحمر، إنه الآن مقطوع. يجب عليك أن تتنازل عن عدة بطاقات وأوراق حتى يتعود طفلك على البطاقات والأوراق ويترك عنه عادة التقطيع وسيترك تقطيعها حينما يشعر بقيمتها، فقط قدم له الإحساس بقيمة هذه الأوراق أو البطاقات، لن يكون تجاوب طفلك مع هذا النشاط كما تتوقع أنه بشكل متفائل جداً، ولكن تكرار هذا التمرين مرة واحدة على الأقل شهرياً سيصنع الفرق، فالشيء الذي لايعرفه طفلك اليوم، وقمت بتعريضه له، سيتعلمه غداً مع التكرار الخفيف، وستجد الأثر.
قم بسؤال طفلك عن “أين الرقم واحد؟ أين اللون الأزرق؟ أين الرقم إثنان؟ أين اللون الأحمر؟” وبطريقة السؤال والجواب والتصحيح عند الخطأ سيتعلم طفلك أكثر وأكثر.
بعد تعرض طفلك للرقمين الأولين بشكل كافي، قدم له الألوان الأخرى والأرقام الأخرى بنفس الطريقة وبشكل تدريجي، ولا تقم برمي كل البطاقات بين يدي طفلك ثم تتسائل لماذا طفلي لايهتم بها، تعريض الطفل للضوضاء البصرية بوجود عدد كبير من البطاقات وألعاب أخرى من حوله سيحد من قدرته على التركيز على شيء معين بذاته، مارس طريقة الإخفاء في كل وقت، قم بإخفاء جميع الألعاب عن طفلك وقدم له عدد قليل منها فقط، وقم بالتبديل بين الألعاب بين فترة وأخرى وستجد طفلك يستمتع كثيراً بالتركيز على الألعاب وبالشوق للألعاب المخفية حال إظهارها، ومع مرور الزمن ستجد طفلك يتعامل مع ألعابه بطرق مختلفة باختلاف عمره، فاليوم يتعرف على لونين ورقمين وغداً يستخدمها لعد الأرقام من صفر إلى تسعة وبعد غد تجده يلعب لعبة الأونو الشهيرة معك.
هناك طرق مختلفة للاستفادة من لعبة الأونو فعلى سبيل المثال يمكنك الاستفادة منها في تعليم طفلك المقارنة بين الرقم الكبير والصغير، فمثلا تسحب أنت رقم وهو يسحب رقم وصاحب الرقم الأكبر هو الفائز، وبالتجربة والممارسة والأخطاء يتعلم الطفل.
الطفل كما يعوده والديه، فيمكنك بكل بساطة وأدوات قليلة غرس مفهوم حب التعلم لدى طفلك، ولدي قناعة شخصية بأن التعلم يبدأ من البيت ويستمر بالبيت، وأن المدرسة ليست إلا مكاناً لممارسة الأنشطة الاجتماعية وتعلم التواصل مع الآخرين وتنمية التفكير والتنافس، أما التعلم فهو من البيت وأكثر ما أستدل به على ذلك هو تحول الكثير من الجامعات إلى التعليم عن بعد وانفتاح مصادر التعلم لتصل إليك في أي مكان دون حاجتك للذهاب لها.